نقاط على الحروف

إعلاميو الاغتراب ومخطّط التطبيع المعد للبنان
26/04/2024

إعلاميو الاغتراب ومخطّط التطبيع المعد للبنان

يدير "فواخرجيو" السيادة ودولة القانون أذن الجرة وفق ما تشتهيه مصالحهم وحساباتهم الضيقة. هم عنصريون انعزاليون تجاه شركائهم في الوطن، منفتحون على أعداء البلد. التطبيع والعمالة بالنسبة لهم وجهة نظر، ولو خالفوا الدستور والتشريعات وموسوعة قوانين طويلة عريضة (قانون المقاطعة لعام 1955، قانون العقوبات اللبناني، وقانون القضاء العسكري) تنص بوضوح على حظر أي اتّصال أو تواصل بين اللبنانيين والكيان الغاصب مهما كان شكله، تحت طائلة عقوبة تتراوح بين السجن والاعدام.

 

لطالما سعى العدوّ الصهيوني للنفاذ إلى الساحة الداخلية اللبنانية واختراق نسيجها، ولأن أبواب العلاقات الرسمية مقفلة بوجهه بوصفه كيان احتلال، وبسبب تركيبة لبنان المعادية والمقاومة، ضبط مرارًا وهو يتسلل من نوافذ أخرى، محاولًا خطف لبنان من موقعه ودوره، وتغيير هويته وبوصلته المقاومة. إحدى النوافذ هي النافذة الإعلامية، التي يعمد العدوّ إلى توريط مغتربين لبنانيين فيها، خصوصًا أولئك الذين يتصدرون الشاشات الإعلامية، ويعملون في دول مطبّعة كبعض دول الخليج، وآخرهم محاورة الإعلامي اللبناني في قناة "العربية"، طاهر بركة لشخصيات إسرائيلية، منها المتحدث باسم جيش الاحتلال أفيخاي أدرعي، الذي سبق وحل ضيفًا على زميلته اللبنانية في نفس القناة ليال الاختيار، دون أن ننسى أيضًا إطلالة رئيس حزب "الكتائب" النائب سامي الجميل على قناة فرنسية استضافت مراسلة صحيفة عبرية، كما نشر الإعلامي اللبناني نديم قطيش قبل سنة مقالًا في صحيفة "تايمز أوف إسرائيل" (Times of Israel).

صحيح أن دولًا عربية خرجت من ركب قانون حظر التطبيع مع "إسرائيل" الذي أقره مجلس جامعة الدول العربية في 29 - 03 - 1952، وتنصلت منه، بإبرام اتفاقات استسلام وإقامة علاقات اقتصادية، فما عادت تعاقب مرتكبي تلك الأفعال، لكن وضع لبنان مغاير تمامًا، فهو ما زال في حالة عداء تام مع "إسرائيل"، وقوانينه التي تحظر التطبيع تسمو فوق كلّ اعتبار، سواء بتوصيفها لتلك الأفعال بـ"الجرائم" أو بمعاقبة من يرتكبها، أو بعدم إعفاء أحد من تطبيق نصوصها كونها لا تحتمل التأويل. من هنا فإن كلّ ما يساق من حجج وما يصرف من ذرائع إعلامية، لا أساس قانوني لها، كأن يبرر التطبيع بأن الاعلامي يعمل في وسيلة إعلامية أجنبية أو مغترب وأن علاقة العمل أو واجبه الوظيفي في الاغتراب حكم أو حتّم تطبيعه مع أشخاص أو شركات تابعة للكيان الغاصب.

القانون اللبناني واضح لا لبس فيه ولا يستثني أحدًا. وعلى هذا الأساس، فإن محاورة أي لبناني لشخصيات صهيونية حتّى ولو على شاشة غير لبنانية تندرج في خانة جرم التطبيع المعاقب عليه وفقًا للقوانين اللبنانية، ولا دخل لقوانين البلد الذي تبث فيه أو تتبع له تلك الوسيلة. فالصلاحية القضائية هنا ترتبط بشخص اللبناني. وبحسب نص المادة الأولى من قانون المقاطعة: "يحظر على كلّ شخص طبيعي أو معنوي أن يعقد بالذات أو بالواسطة اتفاقًا مع هيئات أو اشخاص مقيمين في "إسرائيل" أو منتمين إليها بجنسيتهم أو يعملون لحسابها أو لمصلحتها وذلك متى كان موضوع الاتفاق صفقات تجارية أو عمليات مالية أو أي تعامل آخر أيًّا كانت طبيعته".

من هذا المنطلق والأساس القانوني، يفترض بمن يدعى عليه بجرم التطبيع المثول فورًا أمام القضاء، بدل التلهي بمهاجمة المحاكم التي تطبق القانون، أو العزف على منوال الحريات الإعلامية والتذرع بشعارات فارغة حول الاضطهاد السياسي والقمع القضائي، أو الادّعاء بالحرمان من زيارة لبنان، فبلاغ البحث والتحري بحق أحد الاعلاميين على خلفية التطبيع إجراء قانوني وفق الأصول الجزائية المتبعة، بالاستناد إلى دعوى مرفوعة، وليس حرمانًا من زيارة لبنان.

في المحصلة، إن كلّ ما يجري من استضافة إعلاميين لشخصيات معادية على فضائيات عربية، ليس صدفة، بل يبدو وكأنه يسير وفق نهج ومسار ممنهج ومخطّط له ويجري تنفيذه بشكل تدريجي على دفعات لزج لبنان في أتون التطبيع، وهو سيناريو تمهيدي شبيه جدًا بالسيناريو الذي رسم للدول العربية، وخصوصًا الخليجية منها، يوم كان التطبيع الرسمي فيها سريًا لاعتبارات شعبية، فولجت التطبيع من الباب الاعلامي، عبر مواقع سعودية معروفة الصلة بالعدو كموقع "ايلاف" الذي أجرى سلسلة مقابلات مع كبار قادة العدوّ منهم رئيس الحكومة الأسبق إيهود أولمرت، ورئيس أركان جيش الاحتلال السابق غادي إيزنكوت، وذلك في سياق التمهيد للتطبيع العلني السعودي مع كيان الاحتلال.

 

الكيان الصهيونيالتطبيع

إقرأ المزيد في: نقاط على الحروف

التغطية الإخبارية



 

مقالات مرتبطة

خبر عاجل